كتب، أوانٍ، تحف وأشياء للذكرى. ملابس، أمتعة، وأشياء كثيرة نمضي سنوات
طويلة في جمعها وتكديسها. تفاصيل تضيق بها المساحة، ويصبح أمر إعادة
ترتيبها وتخزينها مسألة معقدة تحتاج الى الحلول الذكية والأساليب
المبتكرة. حلول تساعد في إستعادة بعض المساحات الضائعة في المنزل. وأساليب
تساهم في إيجاد فضاءات جديدة تؤمن للمكان نفحة من الأوكسيجين وتكسبه حرية
في الحركة والتنقل. هي عملية تنظيم تؤمن رفاهية كبيرة، لأنها تزيد من
الأحساس بالراحة وكسب الوقت، وهذا هو جوهر المسألة. تمرّ عملية التنظيم
هذه عبر ترسانة هائلة من قطع الأثاث والمفروشات المتنوعة الأشكال والأحجام
والطرز والأساليب والمواد والألوان. ومن خلالها يمكننا أن نوفر مشهداً
داخلياً للمنزل، بكل ما تتطلبه هذه العملية من مراعاة للمعايير الجمالية
والوظيفية، مشهداً خاصاً يلائم إحتياجات أصحابه وأمزجتهم. ونعني هنا
الاحتياجات الخاصة بترتيب كل التفاصيل التي تصعب الحياة المنزلية دونها.
خزائن ورفوف، كبيرة أو صغيرة، عالية أو منخفضة، حرة أو مدمجة، أحادية
أو متعددة، متحركة قابلة للتعديل أو ثابتة... كلها تقدم خيارات لا محدودة
تلبي إحتياجات محددة وتستجيب لطبيعة المكان والطراز الزخرفي المطلوب
والمساحات المتاحة أو المحررة. وتلعب بعض هذه العناصر أدواراً تتعدى
وظيفتها الأساسية، فتشارك في صياغة المكان باستخدامها في بعض المواقع
كحاجز يفصل بين مساحتين، أو في المساحة الواحدة بين ركنين. وهي قد تكون من
الخشب الخالص، أو من المعدن أو من الاثنين معاً، وكذلك الزجاج بكل
السماكات الممكنة. ولا ننسى هنا المواد الأخرى التي تضيف في هذا المجال
تقديمات لا يمكن تجاهلها، مثل البلاستيك وغيرها من المواد التي أصبحت
متوافرة بأنواع كثيرة، تراعي نمط الحياة المعاصرة، وتقدم خيارات بمستويات
متعددة من ناحية علاقة السعر بالجودة. وتكتمل هذه العناصر كلها برفوف
أحادية طريفة الأشكال لترتيب الأشرطة الموسيقية وغيرها من الأدوات الصغيرة
الحجم والتي أصبحت رائجة الاستعمال في الحياة اليومية الحديثة، إضافة إلى
بعض العناصر الزخرفية. كما تدخل العلب والسلال المتنوعة الأحجام في لعبة
التنظيم والترتيب لتصبح جزءاً من أساليب الحلول الذكية وخاصة في الشقق
الضيقة حيث يمكن رصّها في زاوية أو ترتيبها فوق رف من الرفوف وهي متوافرة
بألوان مدهشة ومعالجة بأسلوب مميز وبراعة فائقة ومظاهر بالغة الأناقة
والجاذبية. وهي تشكل في مجموعها حلولاً أكيدة لموضوع فوضى التكديس
والتنظيم تتلاقى عنده الكثير من الأذواق والميزانيات العالية والمتواضعة.
إن موضوع الترتيب والتخزين في عالم الديكور المنزلي أصبح اليوم مفتوحاً
على الكثير من الاحتمالات التزينية التي تحاول الاستفادة أحياناً من
الطابع الهندسي للمكان، حتى عيوبه التي تحولها مخيلة المهندسين الى ركن
أنيق بحضور مميز وكلفة بسيطة. ومثال ذلك استغلال مساحة عند انحدار درج
وإبرازها بلون صريح جذاب كعنصر زخرفي تختفي داخل مساحتها رفوف للترتيب او
تخزين مواد الاستهلاك او الأمتعة وأشياء عديدة مختلفة. ويمكن استخدامها
كخزانة لتعليق الملابس ورصّ الأمتعة الكبيرة الحجم المختلفة. وتأتي الرفوف
الأحادية ذات الأشكال الطريفة والحديثة المتنوعة لتلعب ورقة «الديزاين »
في المساحات الصغيرة بأسلوب يخدم وظيفتها في ترتيب الأشياء الصغيرة من
أشرطة موسيقى وأكسسوارات زينة وغيرها، مما يترك للخزائن أكبر حصة من حصص
التخزين والتنظيم وأكثرها أهمية. وإذا قلنا الخزائن فليس هنا المقصود
أنواع الخزائن التقليدية التي اعتدنا وجودها في غرف النوم أو بعض الغرف
الأخرى من المنزل، بل تتعداها إلى كل أنواع الخزائن المستقلة في غرف
الملابس الملحقة بها أحياناً، مما يتيح حرية اوسع في تنسيق الديكور في جو
يتوازن فيه الفراغ مع المساحات الممتلئة مما يوجد في المكان فضاء مثالي
للاسترخاء والراحة. فمسألة التكديس لا ينبغي أن تطال الأثاث وكأن المكان
صورة مصغرة عن مخزن أو مستودع, نجد كل شيء فيه جميلاً ولكن يحتاج إلى
التواصل بين الأثاث نفسه وحياة أصحاب المنزل. وهنا تكمن مهارة التصميم
والاختيار للطرز المناسبة وأنواع المواد والأساليب التي يمكن الاستفادة
منها إلى أقصى حد من العناصر والمساحة المتاحة، خاصة إذا كانت المنازل
والشقق صغيرة، يحسب فيها بدقة لكل سنتيمتر.
ولقد استفادت الهندسة الداخلية وفنونها الزخرفية من كل التقنيات
الحديثة التي ساهمت في تطوير التصاميم وتوفير رفاهية حقيقية داخل المنزل
بم تقدمه من حلول على كل المستويات التي تجعل من كل قطعة من الأثاث عنصراً
قابلاً للتعديل والتركيب بسهولة وضمن مقاييس وأحجام مدروسة تنسجم مع إطار
البيئة الداخلية لكل منزل، مما يسهل استعمالها في كل مكان ننتقل اليه
وداخل أي مساحة. وأصبح كل ابتكار مهما اختلف نوعه وتفصيله مجهزاً بتقنيات
مريحة تزيد رفاهية الفرد أثناء استخدامه. وعلى سبيل المثال فإننا نجد
اليوم في معظم أشكال الخزائن وخاصة في غرف الملابس رفوفاً متحركة خاصة
ببياضات السرير، أو حقائب السفر المختلفة الأحجام والتي يمكن الوصول إليها
بحركة بسيطة وقد أخذت مكانها فوق رفوف مزودة بقضبان أنبوبية معدنية من
الكروم والليتون الفضي أو الذهبي أو المعدن المطلي باللاك الأبيض. وتتكامل
هذه الرفوف مع قضبان من المعدن نفسه تعلق فيه الملابس، ضمن أقسام مخصصة
لتعليق الملابس تنبسط في خط أفقي وارتفاع موحد أو تتوزع فوق قسمين
متوازيين مزودين بتقنية تسمح بانخفاض القسم الأعلى أو ارتفاعه بكبسة زر
عند الحاجة، مما يساعد على استغلال المساحات المرتفعة بشكل كامل بلا عائق.
كما أصبحت تزود هذه الخزائن بنوع خاص من الرفوف المتحركة أيضاً والخاصة
بالقمصان وبأدراج جرّارة بعضه مقسّم في الداخل إلى علب صغيرة لحفظ
الأكسسوارات الدقيقة بشكل يجعلها في متناول اليد في أي وقت بسهولة. وتدخل
الإضاءة كعامل رفاهية إضافية في مثل هذا النظام من الخزائن، فهي تختفي
وراء حواجز الرفوف، لتضيء وبشكل اوتوماتيكي أجزاء المساحة المستخدمة وذلك
بنور لطيف ناعم. ويسمح التنظيم الجديد لعناصر هذا النوع من الخزائن بإحكام
عناصرها ضمن مقاسات محددة حسب الطلب، فيأخذ بعضها شكل خط مستقيم ملاصق
لجدار، او يحتل زاوية أو أكثر حسب الحاجة، بعناصر تصمم خصيص بمواد ثمينة
محددة تتناغم مع طابع الديكور العام للمنزل او بعناصر ومواد أقل كلفة يمكن
إيجادها جاهزة للتركيب، ل تحتاج في هذه الحال إلى قص أو ثقب أو لصق
وتغرية، كم ان معظمها لا يخضع بتصميمه الى نمط نهائي جامد، بل إنه قابل
للتعديل ليتزاوج في أسلوب تركيبه مع كل المساحات على اختلاف اتساعها
وارتفاع سقوفها. ويمكن تغيير عرض الأقسام الخاصة بتعليق الملابس أو إضافة
أقسام أخرى إليها تماشياً مع كل حاجة. وتجهز معظم هذه الخزائن بأبواب
جرارة نظراً لما تحمله من حلول تحرر المساحة حولها وتؤمن حرية في الحركة .
ونجدها مصنوعة من الخشب الملبّس بقشرة خشب السنديان او الجوز وكرز الطير،
أو يستعاض عنها بخشب الميلامين المضغوط والملبس بقشرة مقلدة لأنواع مختلفة
من الخشب وألوانه الطبيعية مما يساعد في تخفيض كل هذه الخزائن لتلائم كل
الميزانيات المحدودة. ولا يقتصر استعمال واجهات الخزائن على الخشب، فهناك
العديد من المواد الأخرى الجميلة مثل الزجاج الرملي أو الملون
والألومينيوم والقش والقصب والقماش المشدود مم يثري الخزائن بمظاهر متعددة
الأنماط غنية بالتأثيرات الجمالية. في الصالون وغرفة الطعام تلعب الخزائن
المنخفضة بمختلف أشكالها وأنواعها دوراً مهماً في تنسيق أجهزة التلفزيون
والموسيقى والكتب الفنية والتحف وعناصر الاضاءة المختلفة، والتي تدخل في
لعبة الزخرفة الداخلية، محددة من خلال أنماط طرزها وألوانها هوية المكان
بمفرداتها الخاصة. وكذلك الأمر في بقية غرف المنزل، حيث الحاجة تبدو ملحة،
ليس فقط إلى ترتيب التحف والأواني والأشياء الأخرى، بل أيضاً القدرة على
العناية بها والحفاظ عليها