الشمس… انتبهوا خطر!
خلال قرون عدة في أوروبا، كان الحصول على بشرة بيضاء هو الصيحة
المهيمنة وكلّما كانت منزلة المرأة الاجتماعية مرتفعة سعت أكثر إلى الحصول
على بشرة أكثر بياضاً. وفي القرن العشرين، كان لون البشرة مهماً جداً من
الناحية الاجتماعية، فحفاظ الأرستقراطيّين والبرجوازيين على بشرة بيضاء
ميّزهم عن «عامة الشعب» أي الفلاحين والعمال الذين كانوا يعملون تحت أشعة
الشمس. أما اليوم فالحصول على بشرة «سمراء» على مدار السنة لفئة معيّنة من
الناس يعني أيضاً امتلاكهم قدرة مالية تمكّنهم من تمضية وقتهم تحت سماء
مشمسة خلال فصلَي الشتاء والصيف على حدّ سواء.
نكنّ محبّة كبيرة للشمس لأسباب عدة:
- تبعث حرارة أشعة الشمس فور انتهاء الشتاء بشعور جميل ينمّ عن راحة نفسية وترحيب بالدفء.
- الحصول على بشرة مسمّرة. فالبشرة الشاحبة تدلّ على صحة ضعيفة أما تلك المسمّرة فتعطي مظهراً صحياً أكثر.
- تمضية العطلة على الشاطئ وانجذابنا الى البحر. فالسباحة والاسمرار هما
على المستوى نفسه ويهوى كثر السباحة, التزلّج على سطح الماء, ممارسة رياضة
الغطس، السرف، ركوب المركب… وتعتبر هذه النشاطات نسبيّاً جديدة لأن
السباحة أمست رياضة ذات شعبية خلال القرن العشرين.
- يتعرّض المرء أيضاً لأشعة الشمس خلال عطلات الشتاء، لكن التعرّض للشمس في
منطقة جبلية خطير خصوصاً عند انعكاس أشعّتها من على سطح الثلج.
طبيعتها وآلية حركتها
تحدّد الشمس مسار كواكب النظام الشمسي كافة وقطرها أكبر بمئة مرة من قطر
الكرة الأرضية. يشبّهها البعض بمحطة نووية تعمل على الهيدروجين ذات مدة
حياة تناهز الخمسة مليارات سنة، وهذه المحطّة تولد طاقة مساوية لطاقة
مليارات المحطات الأرضية، أمر يصعب تخيّله على رغم واقعيته. تبعث الشمس
بأويّل بطريقة عشوائية وبجزئيات مؤيّنة، وتؤثر هذه العناصر بطريقة مباشرة
على الموجات والحقول المغناطسيّة وعلى الموجات الراديوية، فيحمينا الغلاف
الجوي من غالبية هذه الموجات الخطيرة جداً وفي معظم الأحيان الإشعاعية
والتي قد تدمّر كل أشكال الحياة على الكرة الأرض. عندما نذكر أخطار الشمس
نقصد تحديداً إشعاعات غير مؤيّنة تساعدنا على تمييز أشكال وألوان وأيضاً
التخليق الضوئي لدى النبات.
مخاطرها
تشكّل الأشعة فوق البنفسجية بشكل أساسي خطراً على المرء وهي تنبعث على
نحو طبيعي من الشمس وكذلك من مصادر اصطناعية. لا تبعث هذه الأشعة الخفيّة
بأي شكل من أشكال الحرارة، فحرارة الشمس تنقل من خلال الأشعة تحت الحمراء.
استطاع العلماء في وقتنا هذا تمييز فئات عدة من الأشعة فوق البنفسجيّة:
- الأشعة فوق البنفسجية البعيدة ( ذات المدى القصير): هذا النوع من الأشعة
خطير جداً، لكن لحسن الحظ معظمها لا ينفذ بفضل طبقة الأوزون.
- الأشعة فوق البنفسجية المتوسّطة ( ذات المدى المتوسط ): تمنع طبقة
الأوزون جزئياً، تسرُّب هذه الأشعّة الى سطح الأرض، ومن المعروف أن هذه
الأشعّة تسبّب أضراراً تشتدّ خطورتها بين فترة الظهر والرابعة بعد الظهر
وهي أخطر من الأشعة فوق البنفسجية القريبة لأنّها تدخل الى عمق أكبر في
النسيج.
- الأشعة فوق البنفسجية القريبة (ذات المدى الطويل ): تسبّب بمرض السرطان،
إذ تدخل في عمق الجلد وتتلف الألياف المرنة ما يؤدي الى ارتخاء في النسيج و
ظهور التجاعيد. ويمكن لهذه الأشعة أن تؤثر على الحمض النووي الريبي منقوص
الأوكسيجين عبر تكوين جزر حرّة ( أو شقائق). تمكّننا هذه الأشعة من
اكتساب اسمرار بشكل سريع وتُستعمل أيضاً في صالونات الاسمرار، كذلك تشكّل
95 في المئة من نسبة الأشعة فوق البنفسجية التي تصل الى سطح الأرض.
مخاطرها على البشرة
بعضها خطر ولا يمكن إبطال تأثيراته والبعض الآخر أقل خطورة ومعروف مثل ضربة الحرارة وأوجاع الرأس واحمرار البشرة.
تتسبب الأشعة فوق البنفسجية في:
- ترهّل مبكر للبشرة: تعتبر ضربة الشمس بمثابة حرق درجة أولى ولكن من
الصعب تقبّل هذا الأمر في العشرين من عمرنا حيث اكتساب اسمرار تحت أشعة
الشمس اللاهبة هو الأحب الى قلبنا. في ما يتعلّق بالصحة، الوقاية الفاعلة
من هذه الأشعة أمر معقّد، فالتأثيرات الجانبية لا تظهر إلا على المدى
البعيد.
- حساسية أو جروح جلدية. تظهر الحساسية غالباً على الرقبة والكتفين
المكشوفين وعلى اليدين والرجلين، فظهور حبوب صغيرة ورغبة قويّة في الحكّ
هما الأثر الأكثر وضوحاً، وفي هذه الحالة يكمن الحل الوحيد في عدم التعرّض
لأشعّة الشمس الى حين الشفاء الكامل من الحساسية. تكون هذه العوارض غالباً
قليلة الخطورة وتصاب بها الشابات. يمكن وضع مرهم مصنوع من الكورتيزون
لتخفيف حدّة التأثيرات. تظهر هذه الحساسية في معظم الأوقات عندما تبدأ
البشرة بالاسمرار، ومن المفيد ألا ننسى وضع مرهم الوقاية من الشمس. أما
الجروح الجلدية فغالباً ما تكون نتيجة أخذ جرعة من دواء معيّن أو بسبب رشّ
بعض العطور.
- أمراض السرطان: سرطان غدّي وورم قتاميني: يصاب حوالي 100000 شخص بمرض
سرطان الجلد سنوياً في فرنسا وغالبية هؤلاء ذوو بشرة بيضاء وأصلهم أوروبي.
السرطان الغدي هو الأكثر شيوعاً في هذه الحالة مع نسبة لا تقلّ عن 95 في
المئة.
- سرطان الخلايا القاعدية غير النقيلة: هو أكثر شيوعاً بأربع مرات من
سرطان الخلية الحرشفية الذي يتفشّى في الجسم. يصاب الوجه، فروة الرأس وأعلى
الجذع بسرطان الخلايا القاعدية غير النقيلة، أما سرطان الخلية الحرشفية
فيصاب به كلّ من الرأس والرقبة والذراعين واليدين وصولاً الى الأظافر.
- سرطان الجلد: هو الأكثر خطورة ويزداد عدد المصابين به سنوياً حول
العالم، إلا أنّه، ولحسن الحظ، أقلّ شيوعاً وعلى رغم ذلك نشهد 5000 حالة
جديدة مصابة بهذا المرض سنوياً وغالباً ما يتغيّر شكل أو لون شامة فيقوم
الأطباء بفحص اللا تناسق، الأطراف، اللون والإطار (فحص معروف بالـabcd)
من المهم جداً أن يشخّص الأطباء المرض بمراحله الأولى لتفادي تفشّي المرض
في الجسم. يُعتقد بأن التعرُّض للشمس خلال سنوات الطفولة يؤثّر على نوع
السرطان الذي يصاب به الإنسان.
على العينين
- الإصابة بأضرار في العين مثل التهاب العين أو آلام العين كالتهاب
الملتحمة والتهاب القرنية. التهاب العين عبارة عن حرق في القرنيّة ناتج من
الأشعة فوق البنفسجية. تكون علامات الإنذار في هذه الحالات خفيّة.
- تلف على المدى الطويل مثل السادّ ومشاكل في شبكيّة العين في حال النظر الى الشمس مباشرة.
لذلك، من المهم جداً أن يضع الأطفال نظارات شمس وقبعات لحماية العينين عند الذهاب الى الشاطئ أو التوجّه نحو الجبل.
تأثيرات مختلفة
يتمتّع كلّ واحد منا بتركيبة جنائية فريدة من نوعها وانطلاقاً من هذا الواقع تختلف حدّة المخاطر من شخص الى آخر، وخصوصاً الأشخاص:
- ذوي البشرة الفاتحة والشعر الأشقر والأصهب.
- الذين لديهم الكثير من الشامات (أكثر من 50).
- الذين لديهم شامات وراثية أو غير متساوية.
- الذين لديهم حالات من سرطان الجلد في العائلة.
- الذين يعانون من الحساسية الضوئية بسبب علاج دوائي.
يتمتّع كلّ شخص بوقاية ضدّ الشمس تساعده على مكافحة أضرار الأشعة فوق
البنفسجية، فتحارب الخلايا هذه الأشعة المؤذية وعندما تستنفد هذه الوقاية
كلّها تفقد الخلايا المتضرّرة القدرة على إصلاح ذاتها، وهذه الوقاية متّصلة
بإنتاج الجسم الخلايا الصبغية وتُستنفذ بسرعة خصوصاً خلال فترة الطفولة.
خطوات ضروريّة
- ممارسة نشاطات الهواء الطلق في الظلّ.
- عدم التعرّض لأشعة الشمس بين فترة الظهر والرابعة بعد الظهر.
- وضع نظارات شمسية تقي من الأشعة فوق البنفسجية.
- وضع طبقة غنية من مرهم الوقاية من الشمس كل ساعتين وبعد كل استحمام.
- ارتداء قبعة كبيرة لحماية الوجه والعنق.
- أفضل حماية هو بالطبع ارتداء الثياب.
- تفادي ارتياد صالونات الاسمرار، فهي تعرّض الجسم غير المحميّ لأشعة إضافية.
ملاحظة: يمكن لحماية متّبعة ومنتظمة خلال فترة الطفولة والمراهقة أن تقلّص خطر الإصابة بسرطان الجلد في سن الرشد بنسبة 60 في المئة).
قواعد للأطفال
- يجب إبقاء الرضّع في الظلّ وعدم تعريضهم لأشعة الشمس إلاّ لفترات مؤقتة شرط أن يكونوا محميين جيداً.
- من المهم أن نعلم أنه خلال المراهقة تكون البشرة والعين ضعيفتين وحساستين
أكثر على الأشعة فوق البنفسجية من الراشدين، ويعتقد العلماء بأن سرطان
الجلد الذي يصاب به الراشدون هو نتيجة التعرّض بشكل متكرّر لأشعة الشمس حتى
انتهاء سنين المراهقة.
- بالنسبة الى العين، غالباً ما نجهل أن عدسة العين لدى الصغار والمراهقين شفافة ولا يمكنها حماية العين كعدسة عين شخص راشد.
ماذا عن مؤشّر الأشعة فوق البنفسجية؟
يدلّ هذا المؤشر على حدّة الأشعة فوق البنفسجية التي تصل الى سطح الأرض،
وكلّما كان المؤشر مرتفعاً كلّما ازدادت نسبة الإصابة بتلف جلديّ وعينيّ في
وقت قصير جداً. يُحتسب هذا المؤشر للساعة الثانية بعد الظهر (توقيت
صيفي).
- مستوى 1 و 2: ضعيف.
- مستوى 3 و 4: معتدل.
- مستوى 6 و 7: قويّ.
- مستوى 8 و 9 و 10: قويّ جداً.
- مستوى 11 و 12: أقصى حدّ.
تصل حدّة الأشعة فوق البنفسجية في فرنسا الى مستوى 8 – 10 خلال طقس جميل، وتصل الى مستوى 11 و 12 على المرتفعات.
طريقة احتساب
مؤشّر الحماية ip
نظريّاً، يُضرب وقت التعرّض لأشعة الشمس بوقت التعرّض الأقصى الموصى به
وفقاً لمؤشر الأشعة فوق البنفسجية مع الأخذ في الاعتبار التعرّق والسباحة.
يوصى بمرهم الوقاية من الشمس وفقاً لنوع الجلد وتأثّره بأشعة الشمس:
- نوع الجلد 0 و 1: الأطفال وذوو البشرة الصهباء والكثيرة النمش= ip 60.
- نوع الجلد 2 و 3: بشرة بيضاء مع وجود بعض النمش = ip 40.
- نوع الجلد 4 و 5 : بشرة سمراء داكنة = ip 30.
- نوع الجلد 6 : بشرة سوداء أو داكنة اللون = ip 20.
Ip ومؤشّر الأشعّة فوق البنفسجية
• مؤشر الأشعة فوق البنفسجية من 9: أقل من 15 دقيقة.
• مؤشر الأشعة فوق البنفسجية 7 الى 9: أقل من 20 دقيقة.
• مؤشّر الأشعة فوق البنفسجية 4 الى 7: أقل من 30 دقيقة.
• مؤشّر الأشعة فوق البنفسجية 0 الى 4: أقل من ساعة.
مهم جداً:
الحصول على بشرة مسمرة لا يحمي من الشمس، فالاسمرار يشكّل حماية بنسبة 3
الى 5 وفقاً لمؤشّر الحماية أي خطر أقلّ للإصابة بضربة شمس. لكن
خطرالإصابة بمرض السرطان لا يختلف. كذلك، لانعكاس الأشعة فوق البنفسجية
أهميّته أيضاً: إذ يعكس الثلج المتساقط حديثاً 80 في المئة من الأشعة فوق
البنفسجية, وتعكس رغوة البحر 25 في المئة من الأشعة فوق البنفسجية، أما
الرمل الجاف فيعكس 15 في المئة من الأشعة ويعكس التراب أو العشب أقلّ من 10
في المئة من هذه الأشعة.
على رغم كلّ هذه التحذيرات من أخطار أشعة الشمس، لا يجب أن ننسى أن التعرّض
المفرط لأشعة الشمس هو الذي يسبّب هذه الأخطار لأنّ الشمس مفيدة جداً فهي
مضادة للكسح بفضل الفيتامين d الذي تنتجه، كذلك تساهم في الشفاء من بعض
الأمراض الجلديّة وتساعد على محاربة الكآبة.
